السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
أحببت ان أقدم إليكم قصه واقعيه((حدثت حقاً في واقعنا))ولم يتخللها أي نسج من الخيال..
في لحظة من لحظات اليأس المطبق على قلبه ... و بعد سنوات من فقدانه لأعز أحبته ...أكمل دراسته الثانوية ...والتحق للعمل في واحدة من كبرى شركات الطيران في المنطقة ...
كان خلال تلك الفترة الزمنية يعيش حالة من الاكتئاب لكونه عجز عن حصوله على صديق يسكن إليه قلبه ... و لعل منشأ ذلك هي نظرته المثالية الى الصداقة و الأصدقاء ... قد لا تعذرونه على عدم واقعيته ... و على نظرته المثالية الى تلك الصداقة ... و لكن من عاش قصة حب مع صديق كالشهيد ياسر- رحمه الله - فلن يرضى بصديق أقل مستوى من ياسر ...
تعرف على الكثير ممن حاولوا تقمص دور الصديق ... و لكن سرعان ما كشف الواقع زيفهم ... أكثرهم كانوا نفعيين ... يسعون بصدق للوصول الى منافعهم دون النظر الى ما يحطمونه من قلوب صادقة في الحب .. و لعل ذلك كلفه الكثير ...
و كواحد من الشباب سعى بجد للعمل صباحا... و الدراسة في المساء ... محاولا بذلك إيجاد حالة من الانشغال و البعد عن معايشة الواقع بحالة من الهروب ...
كان دائم الانشغال و لكن ذلك لا يعني أنه لم يعد بحاجة الى صديق ... و لذلك بدأ الدخول الى عالم الإنترنت محاولا - بخطأ - أن يجد الصديق الذي يسكن إليه قلبه و تهدأ عنده روحه المجنونة .. فلم يجد إلا الزيف و الخداع و السعي لاصطياد القلوب بخبث ...
و في لحظة من لحظات الألم المشبع باليأس ...طرق باب قلبه طارق ... شخص اطلع على بياناته على الانترنت و عرف شيئا من معاناته بعد رحيل ياسر فطلب الأذن منه ببدء حوار في غرفة الدردشة ... تردد كثيرا لأن الاسم كان لبنت و لم يكن لولد ... و لكن كثير هم أولئك الذين يتقمصون أسماء البنات وهم أولاد أو رجال ...
تردد في البدء بالحوار ... و لكنه قبل لمعرفته بمصير هذا الموضوع و أن عمره قصير سينتهي بمجرد خروجهم من غرفة الحوار ... و سيذهب كلا منهم في سبيله...
بدأت تتكلم محاولة بذلك فهم حقيقة ياسر ... و الإطلاع على مجريات القصة ووقائعها ...لم يكن يتوقع أن يكون المتحدث معه بنت ... فقد كان متيقنا أنها ولد ...
إلا أنه شعر ببعض الارتياح الى طريقتها في إدارة الحوار معه ... الى صدقها ... الى البراءة التي تتصف بها ... و الى ثقتها في من أول لحظة تحاورا معا خلالها ..
و لا يخفي سرا أنه تعلق بها - و كانت في نظره ولد و لم تكن بنت - انتهى وقت حوارهم مع استعدادهم للصلاة مع وعد بتجديد الحوار بعد أن قام كلا منهما بإضافة اسم الأخر الى قائمته ...
تجدد الحوار واستمر أياما ... صارحها بحُبه لها و رغبته في التعرف عليها - ولا زال يقول أنها الى ذلك الوقت كانت في نظره صديق ولم تكن صديقة - حتى أنه كان يناديها بلفظ مذكر ...
و في يوم من الأيام طلبت منه أن تسمع صوته ... فأعطاها رقم هاتفه النقال بعد تردد طويل و خوف من أن يستغل ذلك رقم الهاتف في ازعاجها الا أنه أعطاها الرقم لغلبة كفة الثقة في براءتها على كفة الخوف منها ... و الى لحظات قبل أن تتحدث معه ... كان متيقنا بكونها صديق و ليست صديقة ... الى أن جاء صوتها رقيقا ... عذبا ... استيقظ من أوهامه على صوت ملائكي رقيق ... لم يعلم ماذا يقول الآن ... كان مستعدا للحديث مع صديقه ..الذي حاوره طويلا في غرفة الدردشة بكل صدق و نبل و إخلاص و ثقة واحترام ... أما الآن فهو أمام صديقته... تكلم معها باحترام أكثر و صدق أكثر و براءة أكثر ...
تكلما مع بعض باحترام مبالغ فيه لكونها أول فتاة تدخل حياته ... لم يستطع أن يستوعب كونه يتكلم مع فتاة ... هو الذي حُرم من نعمة امتلاك أخت حقيقية فقد كان وحيد أبيه و أمه ... لعل ذلك جعله غير قادرا على الحديث مع أي فتاةِ..
تكلما مع بعض ... و كم كان بحاجة لأن يتكلم مع أي إنسان ... كان بحاجة لأن يشعر بأنه مهم في حياة إنسان ما .... و ما زاد الموضوع ...أن أبيه من النوع الذي يخرج صباحا ليعود مساء متعبا من العمل التجاري الذي كان يملكه... و والدته كانت كثيرة الخروج ...لذا فقد كان الدخول الى الانترنت يمثل له مهربا من شعوره بالوحدة ... و ملاذ من حالة الملل و الكآبة التي سيطرت على مشاعره و تركت أثارها بوضوح على شخصيته الانعزالية ... و عندما وجدها أحسس أن حالة الانعزال و الوحدة في طريقها الى الزوال ... تكلم معها بكل احترام لمعرفته أنها ستعمل على وزن كل كلمة يقولها لتتوصل الى قرار بالمواصلة معه في الحوار أم أنها ستنقطع عن محاورته..
لكنها بقيت...لتعمل على إزالة كل مخلفات الماضي من شخصيته ... كان محبطا .. يائسا ...يبحث عن طريقة يخرج بها ذلك اليأس بالتفكير في الموت ...و لا ينكر أن فكرة الموت شهيدا كانت تسيطر على تفكيره ...بل و لقد فكر أكثر من مرة في السفر الى الخارج لتحقيق تلك الأمنية ... لازدياد حالة الشوق الى ياسر عنده ... و كان أبيه يصادر منه جواز سفره في كل مرة .. بل و استصدر قرارا بمنعه من السفر .. بدأت تستمع كل يوم الى كلامه عن ياسر ... و عن ذكرياته معه ..عن وصاياه .. فكره ...اعتقاداته ...
فحصلت عندها حالة من الإعجاب بشخص ياسر ... فبدأو يكثروا من حديثهم مع بعضهم البعض ...مساء ... و عندما يلقي الناس بأجسادهم المتعبة من شقاء النهار فوق سرير الراحة ... كانا يبدأو مشوار حديثهم مع بعضهم البعض ... فكانا يتحاورا ... يتناقشا ...يتفقا ... و يختلفا ...الى أن بدأ المرض يتسلل الى قلبيهم ...فوقعوا في شباك مرض خطير ... ذلك هو العشق ... الذي هو داء لا دواء له سوى الموت ...
و لكي يكون صريحا معها ...أخبرها بأنه أحبها ...كأخت أولا ... ثم كحبيبة ثانيا ...
ترددت أولا في الرد على صراحته ... و لكنها نطقت ...:
كيف تحب فتاة لم ترها حتى هذه اللحظة ؟؟
فكان جوابه عميقا كعمق سؤالها :
ان القلب هو الذي يعشق ... و إنما العين ما هي إلا مجرد دليل يوصلنا الى الحبيب ...
لم تقتنع بإجابته ...
يتبع.....